لعبة الحوت الأزرق وسلبياته القاتلة وموقف الإسلام منها
لعبة الحوت الأزرق |
الكاتبة : جهاد هنداوي
بداية ظهور لعبة الحوت الأزرق:
وقد ظهرت أول حالة انتحار في عام 2015، ثم انتشرت على نطاق أوسع عام 2016 ، ثم بدأت أعداد المنتحرين من الشباب في استمرار.
وتم القبض على مصمم اللعبة لما تسبب فيه من وفاة الكثيرين منهم ستة عشر مراهقا في روسيا مرة واحدة.
القوانين الحاكمة للعبة الحوت الأزرق:
تبدأ اللعبة بمهمة يقوم اللاعب بتنفيذها في اليوم الأول، ثم يطلب منه أن ينفذها بإتقان حتى يستطيع أن ينتقل إلى المهمة التالية ، وتكون تلك الأوامر في البداية بسيطة ولا تحتاج إلي مجهود يذكر، مثل “ما اسم والدتك" "ماذا تعمل"، وغيرها من الأسئلة التي لا تثير أي شك.
وفي أثناء اللعب يتلقى اللاعب مجموعة من الأوامر الغير تقليدية ،وساعتها تبدأ زيادة التعقيدات والطلبات التي توجه إلي اللاعب، وبداية الضغط النفسي بإيذاء الآخرين.
ثم الاستيقاظ فجرا لمشاهدة أحد الأفلام المرعبة، القيام ببعض السلوكيات الشاذة.
ثم يأتي التحدي الأخير لللاعب ألا وهو الانتحار بعد أن يكون اللاعب استسلم إلى اللعبة ومديرها بكامل إرادته.
مراحل لعبة الحوت الأزرق:
وتتضمن اللعبة خمسين خطوة أو مرحلة على مدى خمسين يومًا.
حيث تنقسم المراحل أو المهمات الخمسون إلى ثلاث مجموعات كل مجموعة لها تأثير نفسي مُحدد يؤهلك للوصول لما بعدها، فمن المهمة رقم (1 إلى 9) تسمى بمرحلة "الحث" وهي تكون مجموعة من الطلبات البسيطة العادية وغير المُضرة أو بمعنى آخر تؤكد لك أنك أصبحت حوتًا أو مُشتركاً باللعبة، ثم المجموعة الثانية وتسمى "التعود"، وهي تكون مهام متوسطة الصعوبة لاختبار مدى جدية وقدرة اللاعب، وأخيرًا المجموعة الثالثة، وهي "التأهيل" لتكون جاهزًا للانتحار.
الخمسون مهمة المطلوبة هي :
2- الاستيقاظ عند الساعة 4:20 صباحًا ومشاهد مقطع فيديو به موسيقى غريبة تترك اللاعب في حالة كئيبة.
3- عمل جروح طولية على ذراع المتحدي.
4- رسم حوت على قطعة من الورق.
5- على اللاعب ان يكتب موافق على قدميه
6- مهمة سرية (تختلف المهمة من شخص لآخر).
7- كتابة رسالة معينة على ذراع الشخص.
8- إنشاء منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يعرض فيه انه اصبح حوت
9- التغلب على الخوف.
10- الاستيقاظ الساعة 4:20 فجرًا والوقوف على سطح منزلك.
11- نحت حوت على يد شخص معين، بالسكين.
12- مشاهدة أشرطة فيديو مخيفة كل يوم.
13- ارسال ملف موسيقي من مسؤولي اللعبة وعلى اللاعب الاستماع إليه
14- قطع الشفاه.
15- شك ذراع الشخص بواسطة إبرة خاصة.
16- إيذاء النفس أو محاولة جعلها تمرض.
17- الذهاب إلى سقف الحائط والوقوف على الحافة.
18- الوقوف على جسر أو كبري.
19- تسلق رافعة أو سلم عالٍ.
20- في هذه الخطوة يتحقق المسؤول عنك في اللعبة إن كنت جديرًا بالثقة وتستحق الاستمرارية أم لا؟
21- عمل مكالمة عبر سكايب مع مسئول اللعبة
22- الجلوس على السطح من جديد مع ضرورة ترك الساقين خارج حافة السطح أي في الهواء.
23- وظيفة سرية أو مهمة خاصة.
24- رحلة سرية في الشارع على سبيل المثال، جرح شخص لا تعرفه أو إيذاء امرأة.
25- الاجتماع مع "الحوت".
26- ترقية اللاعب إلى مسؤول بعد رؤيته موت لاعبين اخرين
27- زيارة السكك الحديدية.
28- عدم التحدث إلى أي شخص طوال اليوم وعدم استخدام "السوشيال ميديا".
29- يقسم اللاعب للمسئول انه اصبح حوت.
30 إلى 49 بعد هذه الخطوات تأتي المراحل التي تحتوي على مشاهدة أفلام الرعب والاستماع إلى موسيقى إيحائية، والتحدث إلى الحوت.
50-آخر مهمة على اللاعب الانتحار.
التفسيرات النفسية للعبة الحوت الأزرق:
توصلت الدراسات التي قام بها الباحثون والمتخصصون إلى عدة نتائج أهمها:
- الطلبات الغريبة التي تُطلب من المراهق تجعلهم مسلوب الإرادة.
- مراحل اللعبة المتقدمة تجعل منهم أشخاصًا مرضى نفسيين، فتكون النتيجة في النهاية أن اللاعب يكون غير قادر على التمييز بين الحقيقة والسراب ، فيجد نفسه مضطرًا في نهاية المطاف للانتحار.
- كما أثبتت الدراسات الحديثة أنّ هذه الألعاب تُحدث إدمانا وإضرارا بالجهاز العصبي وتُسبّب التوتّر والعصبية لدى الأطفال .
- تساعد الأطفال على ممارسة العنف والتحول الى الاجرام.
- فساد واقعية الطّفل بتربيته على عالم الأوهام والخيالات والأشياء المستحيلة كالعودة بعد الموت والقوّة الخارقة التي لا وجود لها في الواقع وتصوير الكائنات الفضائية ونحو ذلك .
نصائح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية
قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عدة نصائح للوقاية من خطر لعبة "الحوت الأزرق" Blue Whale" " وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه تابع عن كثب ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ألعاب تخطف عقولَ الأطفال، وتجعلهم يعيشون عالمًا افتراضيًّا يعزلهم عن الواقع، وتقودهم إلى الانتحار ومثل هذه الألعاب تستهدف الفئة العمرية من سن 12 إلى 16 عاما تقريبا، وهذه اللعبة سُجِّلت أعلى حالات الانتحار في بلد المنشأ لهذه اللعبة وهي (روسيا) إذ تم تسجيل 130 حالة انتحار.
وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن اللعبة انتشرت حتى وصلت إلى عالمنا العربي والإسلاميِّ، وقد نهانا الله سبحانه عن ارتكاب أي شيء يهدد حياتنا وسلامة أجسامنا فقال : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، ولخطورة الموقف، وانطلاقًا من دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الرائد في إرشاد الناس إلى ما فيه خيرهم، وتحذيرهم مما فيه ضررهم، انطلاقًا من هذا الدور يقدم المركز عدَّةَ نصائحَ للوقاية من خطر هذه اللعبة، وهي:
1- متابعة الطفل بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة.2- مراقبة تطبيقات الهاتف بالنسبة للأبناء، وعدم ترك الهواتف بين أيديهم لفترات طويلة.
3- شغل أوقات فراغ الأطفال بما ينفعهم من تحصيل العلوم النافعة والأنشطة الرياضية المختلفة.
4- التأكيد علي أهمية الوقت بالنسبة للطفل.
5- مشاركة الطفل في جميع جوانب حياته مع توجيه النصح وتقديم القدوة الصالحة له.
6- تنمية مهارات الطفل، وتوظيف هذه المهارات فيما ينفعه والاستفادة من إبداعاته.
7- التشجيع الدائم للطفل على ما يقدمه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطة من وجهة نظر الآباء.
8- منح الأبناء مساحة لتحقيق الذات وتعزيز القدرات وكسب الثقة.
9- تدريب الأبناء على تحديد أهدافهم، واختيار الأفضل لرسم مستقبلهم، والحث على المشاركة الفعالة والواقعية في محيط الأسرة والمجتمع.
10 - تخير الرفقة الصالحة للأبناء ومتابعتهم في الدراسة من خلال التواصل المستمر مع المعلمين وإدارة المدرسة.
11- تنبيه الطفل على حرمة استخدام آلات حادة تصيبه بأي ضرر جسدي، وصونه عن كل ما يؤذيه؛ وذلك لقول رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...» صحيح البخاري.
دار الإفتاء تحرم لعبة "الحوت الأزرق" :
لذلك أوضحت دار الإفتاء في فتواها أن الشريعة الإسلامية جاءت رحمةً للعالمين، واتجهت في أحكامها إلى إقامة مجتمعٍ راقٍ متكاملٍ تسوده المحبةُ والعدالةُ والمثلُ العليَا في الأخلاق والتعامل بين أفراد المجتمع، ومن أجل هذا كانت غايتُها الأولى تهذيبَ الفرد وتربيتَه ليكون مصدر خيرٍ للبلاد والعباد، وجعلت الشريعةُ الإسلامية الحفاظَ على النفس والأمن الفردي والمجتمعي مقصدًا من أهم المقاصد الشرعية؛ التي هي: النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال، فكل ما يتضمن حفظ هذه المقاصد الخمسة فهو مصلحةٌ، وكل ما يفوتها فهو مفسدةٌ ودفعها مصلحة.
وأضافت أن الشريعةَ قررت أن الأصلَ في الدماء الحرمة، وسنَّت من الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ على نفوس الآدميين، ويحافظ على حماية الأفراد واستقرار المجتمعات، وسدَّت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرًا على ذلك في الحال والمآل.
وأشارت إلى أنه من هذا المنطلق، يتضح أن هذه اللعبة تشتمل على عدة أفعالٍ؛ كل واحد منها كفيلٌ بتحريمها شرعًا وتجريمها قانونًا؛ أهمها:
أولًا: أن المشارك في هذه اللعبة يبدأ بعد التسجيل فيها بنقش رمزٍ على جسده بآلة حادة؛ كالسكين أو الإبرة أو نحوهما، وفي هذا الفعل إيذاءٌ من الإنسان لنفسه، وهو أمرٌ محرمٌ شرعًا؛ فإن حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، ولهذا حرَّم اللهُ تعالى كلَّ ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزءٍ منه، وجعل رعايته في نفسه وجسده مقدمةً على غيرها، ومن مقتضيات الحفاظ على نفس الإنسان: حمايتُه مِن كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر في صحته؛ فحرمت الشريعةُ عليه كلَّ ما يضره، وجرَّمَتْ إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل.
ومن المقرر شرعًا أيضًا أنه "لا ضرر ولا ضرار"؛ فهذه قاعدةٌ فقهيةٌ من القواعد الخمس التي يدور عليها معظم أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما أخرج ابن ماجه في "سننه"
كما أن النقش على الجسد بآلةٍ حادةٍ -كسكِّين أو نحوها- يدخل تحت الوشم المحرم شرعًا، والوشم عبارةٌ عن غرز إبرةٍ أو مسلةٍ أو نحوهما في الجلد للنقش عليه.
ثانيًا: يقوم المشارك في نهاية اللعبة بأحد فعلين: إما أن يقتل نفسه وهو الانتحار، أو يقتل غيره.
وحَرَّمت الشريعةُ الإسلامية إتلافَ البدن وإزهاقَ الروح عن طريق الانتحار أو ما يؤدي إليه؛ فأَمَرَتِ الإنسانَ بالمحافظة على نفسه وجسده من كل ما يُهْلِكه أو يَسُوءُه، ونَهت عن أن يقتل الإنسانُ نفسَه أو يُنزِلَ بها الأذى؛ فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرف في جسده تصرفًا يُؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه، وكُلُّ إنسانٍ -وإن كان صاحب إرادةٍ فيما يَتعلق بشخصه- فإنها مُقَيَّدةٌ بالحدود التي شرعها الله تبارك وتعالى، كما في قوله سبحانه: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]،
بل جعل الله تعالى قتل النفس بغير حقٍّ كأنه قتلٌ للناس جميعًا؛ فقال سبحانه: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ" [المائدة: 32].
ولفتت دار الإفتاء إلى أن النص الشرعي جاء مخبرًا بأن المسلم في أي ذنبٍ وقع كان له في الدين والشرع مخرجٌ إلا القتل؛ فإن أمرَهُ صعبٌ؛ فروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا». ويوضح هذا المعنى ما في تمام الحديث من قول ابن عمر رضي الله عنهما: «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ».
وفي الختام تبين أن لعبة “الحوت الأزرق” بعد تسببها في أضرار للآخرين أصبحت حراما شرعا، حيث قال الله تعالى في سورة النور: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ
هذه اللعبة أصبحت سببا في إباحة والفساد في الأرض وقتل النفس، وبالتالي يصبح اللعب بها محرما شرعا، فقال الله تعالى في سورة البقرة: “وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ
فالقاعدة الفقهية “ما أدى إلى الحرام فهو حرام”، تدل دلالة واضحة على ما تسببه اللعبة من عدوانيات وإيذاء إما بالقتل أو بالجرح تعد من المحرمات الشرعية.